تم الإجابة عليه: إعراب آية 33 من سورة البقرة في القرآن الكريم
نقدم لكم في مدونة ضوء التعليمية عبر قسم المعاني أسئلة وأجوبة تفيدك في مسيرتك التعليمية، نترككم مع درس بعنوان “تم الإجابة عليه: إعراب آية 33 من سورة البقرة في القرآن الكريم”_ ننوه أن المواضيع في هذا القسم هي أسئلة يطرحها الزائرون قد تجد لها إجابة في موضوع آخر. أدخل لقسم (المعاني) في مدونتنا إن لم تجد الإجابة بالأسفل.
قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (
سورة البقرة 33)
البلاغة
١- الاستخدام البلاغي للأفعال (الدقة في التعبير):
– “أَنْبِئْهُمْ” بدلاً من “أَخْبِرْهُمْ”: الفعل “أَنْبَأَ” يفيد الإعلام بشيء خفيّ أو مهم، مما يناسب سياق تعليم آدم للأسماء التي كانت مجهولة للملائكة.
– “أَنْبَأَهُمْ” تأكيد على نجاح آدم في مهمته، مما يعكس تفوقه بالعلم الذي منحه الله إياه.
٢- التكرار البلاغي (للدلالة على التأكيد):
– تكرار “بِأَسْمَائِهِمْ”مرتين:
– الأولى في الأمر (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ).
– الثانية في التنفيذ (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ).
وهذا يُظهر دقة التنفيذ وتمام الحكمة من الاختبار.
٣- الاستفهام التقريري (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ):
– استفهام يُقصد منه التقرير والتذكير بنعم الله وعلمه، وكأنه توبيخ لطيف للملائكة بعد أن شهدوا دليلًا عمليًّا على علم الله المطلق.
٤- التوازن في العبارات (الطباق والمقابلة):
– “أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” العلم الشامل للغيب.
– “وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ” العلم بالظاهر والمخفي (السرائر).
– هذا التركيب يُبرز سعة علم الله ويُقابل بين الظاهر والباطن.
٥- الإيجاز مع البلاغة (الإطناب المفيد):
– الآية جمعت بين الإيجاز في العبارة والعمق في المعنى، مثل قوله: “مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ”حيث شمل كل أنواع الأفعال (العلنية والخفية).
٦- التدرج في إثبات الحجة:
– بدأت الآية بالأمر (أَنْبِئْهُمْ)* ثم التنفيذ (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ)* ثم النتيجة (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ). هذا التسلسل المنطقي يُقنع الملائكة بعلم الله وحكمته.
٧- اللغة التصويرية (المشهد الحواري):
– الآية تصوّر مشهدًا حيويًّا: حوار بين الله وملائكته، ثم ظهور تفوّق آدم بالعلم. هذا الأسلوب القصصي يجذب الانتباه ويُقرّب المعنى.
٨- يقول صاحب اعراب القرآن الكريم وبيانه
الطباق بين السماوات والأرض وبين تبدون وتكتمون. هذا وإن الطباق من الألفاظ التي خالفت مضمونها ولذلك سماه بعضهم التضاد والتكافؤ وهو الجمع بين معنيين متضادين ولا مناسبة بين معنى المطابقة لغة واصطلاحا فإنها في اللغة الموافقة.
يقال: طابقت بين الشيئين إذا جعلت أحدهما على حذو الآخر.
وابن الأثير يعجب لأنه لا يعرف من أين اشتقت هذه التسمية إذ لا مناسبة بين الاسم ومسمّاه، وقدامة يسميه التكافؤ، ولا فرق بين أن يكون التقابل حقيقيا أو اعتباريا أو تقابل السلب والإيجاب.
ومن طباق السلب قول السوءل:
وننكر إن شئنا على الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقول
فقد طابق بين ننكر وهو إيجاب، وبين ولا ينكرون وهو سلب ويصبح الطباق مقابلة حين يؤتى بمعنيين أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب كقول البحتري:
فإذا حاربوا أذلوا عزيزا وإذا سالموا أعزّوا ذليلا
وما زال الناس يعجبون من جمع البحتري بين ثلاث مطابقات في قوله:
وأمة كان قبح الجور يشحطها
دهرا فأصبح حسن العدل يرضيها
حتى جاء أبو الطيب فزاد عليه مع عذوبة اللفظ ورشاقة الصنعة وطابق بين خمسة وخمسة:
أزورهم وسود الليل يشفع لي
وأنثني وبياض الصبح يغري بي
فقد طابق بين الزيارة والانثناء وبين السواد والبياض وبين الليل والصبح وبين يشفع ويغري وبين لي وبي.أه
الفوائد
ابْتِدَاءُ خِطَابِ آدَمَ بِنِدَائِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ بَعِيدٍ عَنْ سَمَاعِ الْأَمْرِ الْإِلَهِيِّ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ آدَمَ وَإِظْهَارِ اسْمِهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى حَتَّى ينَال بذلك حُسْنَ السُّمْعَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّكْرِيمِ عِنْدَ الْآمِرِ لِأَنَّ شَأْنَ الْآمِرِ وَالْمُخَاطِبِ – بِالْكَسْرِ – إِذَا تَلَطَّفَ مَعَ الْمُخَاطَبِ – بِالْفَتْحِ – أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى ضَمِيرِ الْخِطَابِ حَتَّى لَا يُسَاوِيَ بِخِطَابِهِ كُلَّ خِطَابٍ، وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ سُجُودِ النَّبِيءِ وَحَمْدِهِ اللَّهَ بِمَحَامِدَ يُلْهِمُهُ إِيَّاهَا
فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ»
وَهَذِهِ نُكْتَةُ ذِكْرِ الِاسْمِ حَتَّى فِي أَثْنَاءِ الْمُخَاطَبَةِ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: أَفَاطِمُ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ
وَرُبَّمَا جَعَلُوا النِّدَاءَ طَرِيقًا إِلَى إِحْضَارِ اسْمِهِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِإِحْضَارِهِ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ النِّدَاءِ فَالنِّدَاءُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) إِلَخْ تَقْرِيرِيٌّ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَالْمَلَائِكَة لَا يَعْلَمُونَ وُقُوعَهُ وَلَا يُنْكِرُونَهُ.
وَإِنَّمَا أَوْقَعَ الِاسْتِفْهَامَ عَلَى نَفْيِ الْقَوْلِ لِأَنَّ غَالِبَ الِاسْتِفْهَامِ التقريري يقحم فِيهِ مَا يُفِيدُ النَّفْيَ لِقَصْدِ التَّوْسِيعِ عَلَى الْمُقَرَّرِ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ نَفْيِ وُقُوعِ الشَّيْءِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَزْعُمَ نَفْيَهُ فَقَدْ وَسَّعَ الْمُقَرِّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ إِنْكَارَهُ فَلِذَلِكَ يُقَرِّرُهُ عَلَى نَفْيِهِ، فَإِذَا أَقَرَّ كَانَ إِقْرَارُهُ لَازِمًا لَهُ لَا مَنَاصَ لَهُ مِنْهُ.
فَهَذَا قَانُونُ الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي تَكَرَّرَ فِي الْقُرْآنِ(التحرير والتنوير)
محمد إبراهيم شلهوم
https://www.facebook.com/profile.php?id=100012588664522
بإمكانكم الحصول على المزيد من المعارف من المصدر الأصلي :
المصدر
اشترك في نشرتنا البريدية ليصلك الجديد عبر بريدك الإلكتروني، مدون ضوء مدونة تعليمية تفيدك كثيرا.
اكتشاف المزيد من موقع ضوء التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.